تقرير حول المشهد الإعلامي بين الحرية والمسؤولية الأخلاقية بالمغرب

3 مايو 2012
تقرير حول المشهد الإعلامي بين الحرية والمسؤولية الأخلاقية بالمغرب

تقرير حول المائدة المستديرة-2 ماي 2012

“المشهد الإعلامي بين الحرية والمسؤولية الأخلاقية”

550128_10151087857983356_130546763355_13470230_694048565_n[1]

موضوع النشاط:

“المشهد الإعلامي بين الحرية والمسؤولية الأخلاقية”؛

شكل النشاط:

مائدة مستديرة؛

الزمان:

الأربعاء 2 ماي 2012 ابتداء من الساعة الخامسة زوالا؛

المكان:

فندق “كولدن تيلب فرح”- الرباط؛

الجهة المنظمة:

 المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام بشراكة مع عهد التنوع الإعلامي بلندن، وبدعم من “مفوضية الاتحاد الأوربي بالمغرب” و”مؤسسة هانس سايدل الألمانية” و”منظمة اليونسكو” و”سفارة بريطانيا”.

المتدخلون:

*علي كريمي: رئيس مركز الدراسات والأبحاث في حقوق الانسان والاعلام، أستاذ القانون العام والإعلام؛

*جون بول مارتوز: صحفي دولي، خبير مستشار لدى “هيئة حماية الصحافيين” بنيوورك، نائب رئيس منظمة “هيومن رايتس ووتش” في أوروبا وآسيا الوسطى؛

*مرية مكرم: رئيسة “الجمعية المغربية لصحافة التحقيق”، مديرة موقع “فبراير.كوم”؛

*عبد الوهاب الرامي، أستاذ الصحافة المكتوبة في “المعهد العالي للإعلام والاتصال”.

إن “حرية التعبير تمثل حقاً من أثمن حقوقنا، إذ هي الركيزة التي تقوم عليها كل حريّة أخرى وهي أساس للكرامة البشرية، وإن وسائل الإعلام الحرة والتعددية والمستقلة تمثل شرطاً أساسياً لممارسة هذه الحريّة”(1)، حيث تظهر الأهمية الكبرى التي تحظى بها حرية الإعلام، لكن هذه الحرية تطرح عدة إشكالات عندما تصطدم بالأخلاقيات، وترشدنا الوثائق الدولية ذات الصلة بحرية الإعلام إلى بعض القيود التي بإمكانها أن تحد قانونيا من حرية الصحفي وتعرضه للمتابعة القضائية، مما يجعله يبدل جهدا أكبر للتحلي بالدقة والمهنية وبواجب التأكد من صحة المعلومة وصدق الخبر رغم الاكراهات التي يجابهها للوصول إلى تلك المعلومة؛ وهذا يحيل إلى ضرورة كشف طبيعة العلاقة التي تربط بين ممارسة الإعلام بحرية وبين المسؤولية الأخلاقية لممارِسِيها؛

ويمثل التقرير التالي ملخصا لأهم الأفكار والآراء التي تم تداولها على مدى أكثر من ثلاث ساعات في المائدة المستديرة حول موضوع: “المشهد الإعلامي بين حرية الإعلام والمسؤولية الأخلاقية”، التي عرفت حضورا مهما لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها إلى جانب صحافيين وباحثين ومجتمع مدني ملؤوا مختلف جنبات القاعة وساهموا في إغناء النقاش حول الموضوع المطروح، علما أن هذا النشاط يندرج في إطار مشروع: “من أجل إعلام مغربي اندماجي ومسؤول ومستقل” الذي ينظمه معهد التنوع الإعلامي بلندن بشراكة مع المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام، وبدعم من “مفوضية الاتحاد الأوربي بالمغرب” و”مؤسسة هانس سايدل الألمانية” و”منظمة اليونسكو” و”سفارة بريطانيا”:

 

فقبْل إعطاء الكلمة للمتدخلين، افتتح منشط الندوة السيد محمد لعروسي، الكاتب والناشر، المائدة المستديرة بالترحيب بالحاضرين وتقديم المتدخلين مذكرا بالإطار العام للبرنامج والسياق العام للمشهد الإعلامي الراهن بالمغرب والنقاش الدائر حول مستقبل قانون الإعلام والمجلس الوطني للصحافة… لاسيما بعد إقرار الدستور الجديد؛

كما ألقى “د.علي كريمي”، رئيس “مركز الدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام”، أستاذ القانون العام والإعلام،كلمة تقديمية بَسَطَت الأرضية للمتدخلين لمناقشة موضوع “الإعلام بين الحرية والمسؤولية الأخلاقية”، حيث تحدث عن أهمية حرية الإعلام والاتصال لكن شريطة أن لا يغفل الصحفي المهني مسؤوليته الأخلاقية، لأن الحرية لا تعني أن تقول ما شئت وأنى ما شئت على إحدى وسائل الإعلام المكتوبة أو السمعية أو السمعية البصرية أو حتى الإلكترونية، ولكنها مرهونة كذلك بمجموعة من الشروط مثل عدم انتهاك الحياة الخاصة للأفراد وعدم انتهاك الكرامة الإنسانية بالسب أو الشتم أو القذف، وعدم نشر ما يمس أمن الدولة ونظامها العام …، لأن ذلك ينسجم مع مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان خصوصا المادة19 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية؛ إلا أن “ذ.مريه مكرم”، رئيسة الجمعية المغربية لصحافة التحقيق، ومديرة موقع “فبراير.كوم”، ترى أنه رغم أن احترام الحياة الخصوصية مسألة ضرورية إلا أنه في حالة اصطدام العام بالخاص يجب الكشف عن الحقيقة لأنها تدخل في نطاق الحق العام رغم وجود الخطوط الحمراء التي تحد من الحق في الوصول إلى المعلومة؛

ولاحظ “د.كريمي” أن معظم الهفوات اللاأخلاقية للصحافة تصدر من صحفيين غير مهنيين كبعض المدونين على صفحات الأنترنيت مما يجعلهم محط متابعات ومحاكمات قضائية غالبا ما تكون ذات طابع سياسي([1])؛ إن الصحافة ليست دائما صحافة، بتعبير جون بول مارتوز، الصحفي الدولي وخبير مستشار لدى “هيئة حماية الصحافيين” بنيوورك ونائب رئيس منظمة “هيومن رايتس ووتش” في أوروبا وآسيا الوسطى، لأن هناك بعض الصحافة التي تستحق أن تُنتقَد بالنظر إلى الفضائح التي تتورط فيها والتي تسيء للجميع (مثل التجسس على المواطنين، اقتحام حياتهم الخاصة..)، وكذلك الصحافة التي تهدم كل شيء كالتي تُرَوج للتمييز العنصري أو الإقصاء أو العنف أو القتل… بشكل يتنافى مع منطوق الفصل20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية؛

فلا شك أن الأخلاقيات تتلاقى في أجزاء منها بالقانون مثل مسألة السب والشتم والحث على الكراهية والعنصرية، وهي كلها أشياء مرتبطة بالأخلاقيات، والقانون هو الذي يحسم فيها ويحد منها، وهناك أخلاقيات عامة ترتبط بما جاء في الديانات السماوية أو المواضيع التي تعالج مشاكل الطفل أو المرأة أو السيدا…، وهي تختلف عن الأخلاقيات المجالية المرتبطة بالمهنة، وفي هذا الإطار دعا “ذ.عبد الوهاب الرامي”، أستاذ الصحافة المكتوبة في المعهد العالي للإعلام والاتصال، الأشخاص المتخصصين في مجال معين إلى وجوب أن تكون لهم أخلاقيات مرتبطة بمجال تخصصهم، و بالتالي يجب أن ننتقل من الأخلاقيات العامة إلى الأخلاقيات الخاصة؛

423747_2796435034421_1364829945_32292495_773799815_n[1]

إن ما يثير الانتباه هو أن العديد من الدول سواء أكانت ديمقراطية أو ديكتاتورية تتخذ مسألة غياب المسؤولية لدى وسائل الإعلام لتبرير إصدار تشريعات تحد بشكل أو بآخر من حرية الصحافة  على نحو يتم فيه تحوير الأخلاقيات عن مقاصدها، بتعبير جون بول مارتوز”؛  مع العلم أن “د.علي كريمي” سبق أن أشار إلى أن المشكل القائم في مختلف الدول المغاربية يكمن في كون القضاء لا يكتفي بتطبيق القوانين الدولية لحقوق الإنسان أو قوانين الإعلام بل كثيرا ما تستنجد بالقوانين الجنائية في بعض الأحيان لاسيما عندما يتعلق الأمر بالخضوع لتعليمات إدارية وأوامر السلطة التنفيذية نتيجة لإشكالية “عدم استقلالية القضاء” التي كثيرا ما تؤدي ببعض القضاة إلى تفسير بعض النصوص على غير ما تحمله؛ فتلك الاستثناءات المتعارف عليها دوليا والمقيدة لحريات الرأي والتعبير والإعلام غالبا ما توظف سلبا في الدول غير الديمقراطية لتقييد الحريات من خلال استفادتها من عدم التحديد الدقيق لتلك المفاهيم التي أوردها القانون الدولي لحقوق الإنسان على سبيل الاستثناء، من قبيل مفهوم الأمن العام والنظام العام والآداب العامة؛

وانطلاقا من تجربتها الخاصة  اعتبرت “مكرم” أن المناخ السياسي من العوامل المؤثرة  على مهنة الصحافة إما بشكل سلبي أو ايجابي متسائلة عن الكفة التي سترجح عندما تتصادم المسؤولية بأمن الدولة، كما تساءلت عن حرية الرأي وحق المواطن في معرفة الحقيقة حيث تصبح هذه الحرية واسعة في مناخ سياسي معين وأحيانا تضيق هذه الحرية الى أقصى حد في مواضيع سياسية أخرى التي يعتبر فيها الصحفي قد تجاوز حدوده رغم اشتغاله وفق ضوابط وأخلاقيات المهنة؛ وللخروج من هذه المعضلة، سبق ل “علي كريمي”، في كلمته التقديمية، أن دعا إلى ضرورة تحديد المقصود من تلك المفاهيم “الفضفاضة” في ديباجة الدستور أو في قوانين الإعلام لكي لا يبقى الأمر مفتوحا للسلطات الإدارية أو القضائية لتفسيرها كيفما شاءت في التعامل مع قضايا الإعلام، وفي نفس الوقت أكد على ضرورة ربط حرية الإعلام بالمسؤولية والمحاسبة، أي محاسبة الصحافي وفقا للقانون وليس شيئا آخر؛

لكن يبدو من الصعب التأكيد على أن أول مسؤولية أخلاقية للصحفي تكمن أساسا في الدفاع عن حرية الصحافة، حسب تعبير السيد جون بول مارتوز، لأن مهمة الصحافي مرتبطة بقدرته على ممارسة مهنته ولو وجدت رقابة تعسفية أو حتى محاكمات سياسية، ومسؤوليته تنتقل إلى المجتمع ويجب الحكم عليها انطلاقا من تلك الحرية التي أكد عليها صائغو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مستشهدا بقولة أحد الشعراء الكتاب حول الواجب، والمتمثل أساسا في قول الحقيقة  كما هي ولا شيء غير الحقيقة سواء كانت مُرة أو محزنة؛

لذلك إن لم نكن مهنيين فلن نكون أخلاقيين، وفق ما عبر عنه “ذ.عبد الوهاب الرامي”، أي أن مفهوم الأخلاقيات يرتبط بمفهوم المهنية، فإذا توفر شرط المهنية نكون قد حسمنا مع جملة من المقومات الأخلاقية، حيث يتداخل الأخلاقي بالمهني، فالضامن الأساسي للحرية هي الأخلاقيات، والأخلاقيات هي بوابة أو مدخل للمسؤولية الاجتماعية؛ وعلى هذا الأساس نادى “الرامي” بضرورة تحديد مفهوم الأخلاقيات بتشعباته، ومعرفة من يضمن تطبيق الأخلاقيات، ووضع الأصبع على الآليات الممكنة لتطبيقها، مؤكدا على أن: “…إعمال بند الضمير ليس فقط واجب بل يعطي الصحفي المهني حقا، وكل هذا يدرج ضمن أخلاقيات المهنة؛ ولممارستها لا يكفي أن نتحدث عنها بل يجب أن نتكون في هذا المجال الشاسع، إنها منظومة حقوق وواجبات ومن حق المواطن التكوين في هذا المجال، فالكثير من الناس يتكلمون عن الأخلاقيات ولكن لا يعرفونها لأنها متشعبة وتحتاج إلى ثقافة؛ فهناك مواثيق التحرير ومواثيق الشرف والأخلاقيات والقانون وهناك جمعية جمهور الإعلام التي يجب تفعيلها لتكون فاعلة”؛

وإذا كانت “ذ.مريه مكرم” قد اعتبرت أن الآليات والأخلاقيات والقوانين المطبقة على وسائل الإعلام السمعية البصرية والمكتوبة هي نفسها المطبقة على الصحافة الإلكترونية، فإن “ذ.الرامي” رأى أن اخلاقيات الإعلام ليست بالضرورة أخلاقيات الصحافة المكتوبة أو أخلاقيات الصحافة الإلكترونية، وميز بين العديد من أنواع الأخلاقيات، فمنها أخلاقيات مرتبطة بتقنيات التحرير، وهناك ما يسمى بأخلاقيات الصورة، كما توجد أخلاقيات موجبة وأخلاقيات سالبة: فمنها ما يدعوك على “أن لا تفعل” كأن لا تحث على الكراهية وهناك أخلاقيات تدعوك على “أن تفعل” كالتآزر بين الصحفيين، بالإضافة الى أن أخلاقيات المهنة غالبا ما تكون محط جدل واسع ويجب أن نخلص منها بحل توافقي؛ كما ميز بين منظومة الإعلان الخبري وبين منظومة أجناس الرأي، فكثيرا ما نتحدث عن الخبر الصحيح المتزن ولكن لا نتحدث عن أخلاقيات المنظومة المرتبطة بأجناس الرأي، ومع ذلك فقد كانت هناك محاولات لتكييف الأخلاقيات مع الأجناس حيث جاء جزء بسيط منها في كتاب الأستاذ الناجي؛ أما من ناحية التطبيق فقد أكد الرامي على أن الصحفي بالدرجة الأولى هو الذي يطبق أخلاقيات المهنة إضافة الى رئيس التحرير الذي هو الضامن لها وهو أيضا الضامن لاستقلالية هيئة التحرير عن مالكي وسائل الإعلام بالإضافة الى الوسيط وهيئات أخرى الى أن نصل الى المجلس الوطني للصحافة؛

من جانبها، تطرقت “ذ.مريه مكرم” إلى مواصفات الصحفي المهني، من بينها أن تكون لديه حصيلة من التجارب والتدريب والتكوين إضافة الى توفره على الزاد المعرفي، بحيث يعرف قواعد كتابة الخبر وقواعد كتابة التحقيق…، كما اعتبرت وجود بعض الصحفيين الذين لا يلتزمون بأخلاقيات المهنة هي مسألة استثنائية وليست القاعدة، وأن مسؤولية الصحفي تتطلب إعطاء القارئ الخبر الصحيح والمستقل عن أي جهة أو وغير خاضع لأي ضغوطات من أطراف معينة، كما تحدثت عن وجود صعوبة كبيرة في مجال الصحافة خصوصا مع وجود الوسائط الاجتماعية كالفيسبوك والتويـتر…، حيث أصبح المواطن الآن في غنى عن الصحافة ويستطيع أن يحصل على المعلومة بطرق شتى، رغم أنها لا ترقى الى مستوى العمل الصحفي لأنها توجد فيها الكثير من المعلومات المغلوطة، وحتى وإن كانت هذه المعلومة مغلوطة فهي ستصحح نفسها بمرور الوقت، بتعبير “مكرم”، وهذا ما يجعل عمل الصحفي أكثر تعقيدا مما يجبره على القيام بمجهود مضاعف لإقناع القارئ؛

من هنا تظهر صعوبة تحديد بدقة مدى التوتر القائم بين الحرية والمسؤولية، كما يتبين بوضوح أن ممارسة حرية الإعلام ليست مطلقة لأنها في توتر دائم مع حقوق أخرى؛ حيث أشار مارتوز” إلى أن المهم هو عندما يمارس الصحفي مهنته عليه أن يميز بين حرية الإعلام وبين مسؤوليته الأخلاقية، وبعبارة فلسفية: ليس له الاختيار في أن لا يختار؛

لقد ساهم الحاضرون في إغناء النقاش حول العلاقة القائمة بين المسؤولية والحرية، حيث تساءل البعض عن حدود حرية ومسؤولية الإعلام العمومي في القطاع السمعي البصري في اختيار الضيوف، ورأى البعض أن التحول الذي عرفه الإعلام المغربي، خصوصا بعد سنة1998 وإلى الآن، أعطى منابر صحفية مهمة أصبح معها للصحفي كامل الحرية في اختيار الضيوف وطرح الأسئلة،  بينما رأى البعض الآخر على أن ليس هناك “إعلام عمومي” وإنما هناك إعلام متحكم فيه من طرف المخزن، وأن المقاولات الإعلامية لا تعتمد الشفافية، معتبرين أن معرفة مدى توفر الديمقراطية داخلها رهين بمعرفة أعضاء مجالس الإدارة لهذه المقاولات؛ ومع ذلك فقد وضح “ذ.الرامي” أن الإعلام العمومي هو ضامن لحقوق الأفراد الهشة وهو ضامن أيضا لتربية المواطن على المواطنة الحقة، عكس الإعلام الخاص الذي يهتم بربح المؤسسة بالدرجة الأولى، وأثناء مزاولة الصحفي لهذه المهنة يجب مراعاة كرامة الناس وحماية حياتهم الخاصة قبل إظهار الحقيقة التي قد تكون جارحة ومؤلمة وتكون بذلك تجاوزا لأخلاقيات المهنة، مستدركا بالقول على أن ما نحدد به كرامة الشخص في المجتمعات التقليدية ليس كما هو في المجتمعات المتقدمة، حيث يختلف مفهوم الأخلاقيات من بلد الى أخر؛

كما أضافت “ذ.مرية مكريم”، على أنه ليس هناك شيء اسمه صحافة الهواة وإنما هناك صحافة مهنية تتحمل مسؤولية النشر، حيث يجب على الصحفي أن يتلقى تكوينا قبل إعطاء الخبر، فهو من خلال نقله للخبر يمارس مسؤولية ويجب أن يكون موضوعيا خلال مزاولته لهذه المهنة، بالرغم من أنه قد يواجه بعض المضايقات خصوصا عندما يكون الخبر يمس جهة معينة، علما أن جون بول مارتوز” سبق أن أشار إلى أن الواقع يؤكد أن كل دولة لها معاييرها الخاصة للتعامل مع حرية الإعلام، مذكرا بالدول الثماني الأكثر تضييقا على الحريات: كوريا الشمالية، سوريا، إيران، غينيا الاستوائية، أفغانستان، كوبا، روسيا البيضاء، السعودية، معتبرا التضييق على حرية الصحافة كثيرا ما يصل إلى الموت، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 900صحافي في العالم بين سنتي 1992 و2012 ماتوا أثناء ممارسة مهنتهم، حيث 85 %منهم قضي عليهم وقٌتلوا  لأنهم كانوا يزعجون إما الدول أو الحركات السياسية أو المجموعات الإرهابية…، وذلك ليكونوا عبرة لزملائهم؛

انطلاقا مما سبق يمكن القول أن الحرية المطلقة مسألة طوباوية لا يمكن تحققها داخل المجتمع لأنها رهينة بالمسؤولية الأخلاقية التي يتمثلها ذلك المجتمع، وعلى هذا الأساس فإن العمل الصحفي لا تنتفي فيه إشكالية الأخلاقيات إلا بتطبيق القواعد والضوابط المهنية؛ إن الحرية تكون دائما مقرونة بالمسؤولية الملقاة على عاتق الإعلامي، والصحفي المهني هو الذي يكون متمكنا من مصادر ما يبث أو يذيع أو يكتب، أو ما يروج من أخبار، وهو في الآن نفسه المتشبع بأخلاق مهنة الإعلام النبيلة، والمدرك لمختلف موانعها القانونية”؛ إن مسؤوليته كاملة وشاملة ولا يمكن أن يتملص منها تحت ذريعة أنه ينفد أوامر رئيس تحرير وسيلة الإعلام التي يشتغل فيها؛

ومع ذلك لا يمكن أن ننكر أن التعامل مع المعادلة التي تجمع بين الحرية والمسؤولية مسألة نسبية ومتغيرة ترتبط أساسا بصيرورة تطور كل من المجتمع والصحافة والمهتم بتلك المعادلة، وهو ما أكد عليه جون بول مارتوز” بالقول: “إن قناعتي اليوم حول تلك المعادلة ربما لم تكن نفس القناعة التي كانت لدي كصحفي قبل 25سنة، وربما ستتغير مستقبلا بعد 5 أو 10سنوات”؛

 

 

 

تقرير من إنجاز:

لالة غلة الفلالي

تجت اشراف:

ذ.حفيظ اركيبي

 

الاخبار العاجلة