مائدة مستديرة حول السياسات المائية بالمغرب

25 سبتمبر 2024

أرضية:

إن الماء الصالح للشرب هو أحد الحقوق الإنسان الأساسية المرتبط بالحق في مستوى معيشي مناسب يحترم كرامة الإنسان المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 11.1) وهو مرتبط أيضا بالحق في الغذاء والحياة الذي هو أسمى حق إنساني. وفي 28 يوليو 2010، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً تاريخياً رقم (64/292/A/RES) ” يعترف بالحق في مياه الشرب المأمونة والنظيفة وخدمات الصرف الصحي كحق من حقوق الإنسان الأساسية للتمتع الكامل بالحياة وكافة حقوق الإنسان. كل فرد له الحق في التمتع بالكمية الكافية من الماء التي حددت فما بين 50 و 100 لتر في اليوم الواحد، وورد الحق في الماء والتطهير كهدف من أهداف الأمم المتحدة للتنمية الهدف رقم (6). ونظرا لأهمية الحيوية والإستراتيجية نظمت منذ 1970 تحت رعاية الأمم المتحدة عدة مؤتمرات دولية حول الماء وخصصت له عشرية ما بين 1981-1990 لتمكين مئات ملايير الناس من هذه المادة الحيوية ولدعم جهود الأمم المتحدة في مجال الحق في الماء أطلقت الجمعية العامة عشرية ثانية 2005 – 2015 تحت شعار “الماء مصدر الحياة”. وحسب آخر إحصاء ل 2023 هناك 2.2 مليار شخص يعيشون خصاصا في الماء الصالح للشرب و 771 مليون فرد لا يلجون بشكل آمن إليه. هكذا فرضت ندرة المياه نفسها اليوم على جميع الدول، بما فيها القوى العظمى وباتت قضية أممية دولية عابرة للقارات، خاصة الدول الإفريقية التي تأثرت بشكل واضح من التغييرات المناخية وانزياح الفصول الأربعة.

إن المغرب بدوره لا يشكل استثناءا، إذ يعترف كل الفاعلين بأن المملكة تعيش مرحلة الإجهاد المائي الذي يعرفه الخبراء بأنه وضعية مشكلة أزمة تكون فيه الموارد المائية المتوفرة غير قادرة على تلبية الحاجيات. على غرار العديد من الدول، يعاني المغرب بالاجهاد المائي stress hydrique بسبب توالي ست سنوات من جفاف وهي سابقة في تاريخ المغرب المعاصر حيث أن نسبة ملء السدود لم تتجاوز 25% وتراجع مستوى المياه الجوفية مما أثر على كمية المياه لكل مواطن إذ بلغت ما يقرب 600 م3 أي أربع مرات أقل من الكمية التي كان يتمتع به المواطن المغربي 60 قبل سنة مضت. لقد صرح الملك الراحل الحسن الثاني الذي تحمل أسمى جائزة دولية للماء اسمه التي يسلمها المجلس العالمي للماء بأن ندرة الماء وتأثيرها على الأمن الغذائي وعلى التحولات الديموغرافية والاستقرار السكاني ستكون وراء نشوب عدة حروب، وما العلاقات المتوترة بين دول حوض النيل خاصة أثيوبيا مع دول شمال النيل السودان مصر و دول شمال الجزيرة العربية سوريا، العراق، فلسطين، الأردن، لبنان، وتركيا إلا دليل على استبصاره” الحسن الثاني” وحدسه الاستباقي مترجما هذا الوعي بالدور الاستراتيجي للماء في نهج سياسة بناء السدود، حيث يتوفر المغرب اليوم على 145 سد بسعة تخزينية تصل إلى 18.67 مليار م3 و 15 سد جديد في طور الانجاز بسعة تخزينية تصل 43 مليار م3 . بالاضافة إلى توفر المغرب على ترسانة قانونية متطورة، أضيفت إلى الأعراف والأنظمة التقليدية التي نهجها المغاربة منذ عدة قرون التي تتعلق بتنظيم تدبير واستغلال الموارد المائية، ويحدد قانون الماء رقم 36.15 قواعد التدبير المندمج واللامركزي والتشاركي للموارد المائية من أجل ضمان حق المواطنات والمواطنين في الحصول على الماء واستعمال عقلاني ومستدام لهذه المادة الحيوية، وضمانا لالتزام الجميع بهذا القانون لحماية هذه المادة الحيوية من كل تبذير أو استغلال خارج القانون تم خلق شرطة المياه بموجب نفس القانون.

ونظرا لما هذه المادة من أهمية اقتصادية واجتماعية وحضارية وأمنية خلق المغرب أيضا قطاعا وزاريا مكلف بوضع السياسات العامة المتعلقة بتدبير الموارد المائية للملكة. هذا، ويتوفر المغرب على مياه جوفية تمثل 20% من الموارد الإجمالية و 130 فرشاة مائية 32 منها عميقة 98 سطحية و يتمكن من إنتاج 55 080 م 3 في اليوم بفضل تحلية مياه البحر 72329م 3 في اليوم في كل من محطتي الحسيمة والجرف الأصفر على التوالي . كما أنجز المغرب 49 مشروعا لمعالجة المياه العادمة بلغت 2019 65 مليون م3 تستعمل في سقي المساحات الخضراء والصناعة خاصة المعدنية (الفوسفاط). كما وضع المغرب المخطط الوطني للماء 2020-2050 والبرنامج الوطني للتزود بالمياه الصالح للشرب والسقي 2020-2027 سطر من خلالهما الرؤية الإستراتيجية والبرامج التي يجب تفعليها وتنزيلها لمواجهة تحديات ندرة المياه التي تزداد حدتها بصفة مطردة في ذات السياق، ومن أجل تأمين المستقبل بهذه المادة الاستراتيجية (الماء)، أعلن جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير عن وعى الدولة المغربية بالتحدي الاستراتيجي الذي فرضه الإجهاد الماني وأزمة الموارد المائية، إذ شغل موضوع الماء أزيد من 80 في المائة من مجموع الخطاب الملكي، وهي نسبة جد مهمة في خطاب الذي عادة ما يخصص لعرض المنجزات وله قيمة توجيهية للمؤسسات والسياسات، وأكد في خطابه على أن مواجهة هذا التحدي تتطلب المزيد من الجهد واليقظة وإبداع الحلول، والحكامة في التدبير “.

من هذا المنطلق والوعي بأن تحدي أزمة الماء بالمغرب يستدعي تعبئة كل الفاعلين خاصة منظمات المجتمع المدني التي تشتغل على البيئة، والتي كانت سباقة منذ عقود إلى لفت نظر أصحاب القرار السياسي والاقتصادي إلى ضرورة نهج وتبنى مقاربة التنمية المستدامة التي تأخذ بعين الاعتبار المجال في مخططات التنمية والسياسات العمومية ينظم الفضاء الوطني للسياسات العمومية مائدة مستديرة يبحث فيها أهم القضايا والأسئلة المتعلقة بالسياسة المائية بالمغرب :

ماهي مظاهر وحجم أزمة الماء وآثارها؟

هل تنحصر أسباب الأزمة في عوامل طبيعية وبيئية مرتبطة بالمناخ والجفاف؟ أم هناك عوامل

أخرى تتعلق بالحكامة وتدبير هذه المادة الحيوية ؟

ماهي حصيلة سياسة السدود التي نهجها المغرب منذ السبعينات؟

ما هو دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في تدبير أزمة المياه بالمغرب؟

ما هو دو الجامعة والبحث العلمي في النهوض بتدبير الثروة المائية الوطنية كضرورة استراتيجية

وحق؟ ما هي أهم مضامين المخطط الوطني لماء 2020-2050

كيف يمكن من تحقيق نجاعة وفاعلية في تدبير الثروة المائية بالمغرب؟

هل قانون الماء في صيغته الحالية لا يحتاج إلى تعديلات جديدة ترافع من أجلها المنظمات الحقوقية

المعنية ليساهم بشكل إيجابي في حماية الثروة المائية الوطنية ولما تطوريها؟

تلكم بعض التساؤلات التي يحاول الفضاء الوطني للسياسات العمومية أن يطرحها للنقاش العلمي حتى يساهم إلى جانب باقي الهيئات المدنية ومراكز البحث في تفكيك وفهم تحدي ندرة الماء والإجهاد الماني، وكذا تجويد السياسة المائية من أجل بلورة مقترحات عملية لتجاوز هذه الوضعية الحرجة التي ستكون لها عواقب سلبية على أهداف النموذج التنموي الجديد وعلى خيارات المغرب مستقبلا في كل المجالات.

 

تقرير حول المائدة المستديرة: السياسة المائية بالمغرب التحديات والخيارات

 

الاخبار العاجلة