الحق في السلامة الجسدية والنفسية
على هامش اليوم العالمي لحقوق الإنسان
10 دجنبر 2017
د. حفيظ اركيبي
معضلة تمييز “مختلف ضروب المعاملة السيئة” عن “التعذيب”
إذا جاز جمع مختلف ضروب “المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” في خانة “المعاملة السيئة” أو “سوء المعاملة” أمام غياب تعريف “اتفاقي” محدد وحاسم لتلك الانتهاكات، فإن حل إشكال تمييزها عن “التعذيب” قد يصبح مرتبطا إما بتحديد عتبة الألم بدقة (معيار الشدة) التي إذا تجاوزتها هذه الأفعال أمكن اعتبارها تعذيبا؛ وإما بالاتفاق حول لائحة مفصلة لحصر أعمال التعذيب؛ لكن قد يثير ذلك بعض الإشكالات، خصوصا إذا علمنا أن تعريف التعذيب يخضع باستمرار لإعادة التقييم في ضوء الظروف الحالية والقيم المتغيرة في المجتمعات الديمقراطية، وفقا لما سبق أن أشارت له كل من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، فضلا عن أن المجتمع الدولي أصبح يسير في اتجاه توسيع مفهوم التعذيب ليشمل الإساءات التي تجري في مراكز الرعاية الصحية رغم أنها كانت تدخل في اطار انتهاك “الحق في الصحة” وليس “الحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من سوء المعاملة”، مثل الاحتجاز القسري لأسباب طبية، وانتهاكات الحقوق الإنجابية، والحرمان من علاج الألم، والأشخاص ذوو الإعاقات النفسية، والفئات المهمشة:
فهل يكفي الاستناد على معيار “شدة الألم” لتمييز التعذيب عن غيره من ضروب “سوء المعاملة”، أم أن العمل على وضع قائمة بكل الأفعال التي تدخل في نطاق التعذيب سينهي الخلاف؟ وبالتالي ما الحل لتجاوز هذا الإشكال؟ وكيف يمكن أن ينعكس الأمر على الجزاء المناسب لهذه الانتهاكات على مستوى التشريع الجنائي الوطني؟