ندوة وطنية بالرباط، 30شتنبر2011، بعنوان:
“المشهد الإعلامي في المغرب في ظل التحولات السياسية الراهنة: بين التعدد والتنوع”
نظم المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام، بشراكة مع معهد التنوع الإعلامي بلندن، وبتموين من الاتحاد الأروبي، ندوة وطنية بالرباط بعنوان:”المشهد الإعلامي في المغرب في ظل التحولات السياسية الراهنة: بين التعدد والتنوع”، وذلك يوم الجمعة 30شتنبر2011، وقد أَطٌَرها مجموعة من الأخصائيين والباحتين في الموضوع، وتناولت أربعة محاور: 1-وسائل الإعلام والنوع، 2-وسائل الإعلام والتنوع اللغوي، 3-وسائل الإعلام والجهوية، 4-وسائل الإعلام والتعددية السياسية. وتم اختتام الندوة بتنظيم الحفل الرسمي لافتتاح مشروع “من أجل إعلام مغربي اندماجي ومسؤول ومستقل” بتقديم شركاء البرنامج والأهداف والنتائج المتوخاة منه بالإضافة إلى الفئة المستهدفة من المشروع وذلك على الساعة الثامنة مساء بفندق كولدن تيلب فرح الرباط.
وكان السيد “حفيظ اركيبي”- عضو المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام- قد أكد، لجريدة المساء، أن هذه الندوة هي أول حلقة من حلقات برنامج يمتد من سنة2011 إلى سنة2013 والذي يروم تشجيع الحوار العمومي حول مستقبل الإعلام المغربي من خلال استهداف مختلف العاملين في الحقل الإعلامي ومنظمات المجتمع المدني المعنية، وأضاف أن الندوة المذكورة “تهدف إلى الوقوف على مظاهر التعدد والتنوع داخل حقل الإعلام والاتصال، ورصد مختلف التطورات التي عرفها التشريع والممارسة الإعلامية في المغرب وعلاقته بالخلفيات والرهانات السياسية للبلد والتأثيرات الدولية المحيطة به، حيث يأتي تركيز الندوة على مسألة التعددية والتنوع باعتبارهما من الشروط المؤسسة للديمقراطية”.
وفيما يتعلق بسير أشغال الندوة، فقد اُفتتحت بكلمة للسيد “علي كريمي”- رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام- ثم كلمة السيدة “ميليتشا بيسيتش” المديرة التنفيذية لمعهد التنوع الإعلامي، لتقديم المشروع الذي يحمل عنوان “من أجل إعلام مغربي اندماجي ومسؤول ومستقل”، بعد ذلك تناول السيد “تيموثي موريسسفير” بريطانيا بالمغرب الكلمة، قبل أن يتركا المجال للمتدخلين لتقديم عروضهم وفتح النقاش حولها؛ وسنتطرق فيما يلي لبعض ما جاء في المداخلات:
فخلال عرضه، انطلق صلاح الوديع- العضو السابق في الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري(الهاكا)- من عدة أرقام وإحصائيات لتحديد مدى حضور المرأة في القنوات التلفزية والإذاعية، حيث قدم أرقاما تعبر عن كيفية تعامل الإعلام السمعي البصري مع المرأة، ومثال ذلك أن نسبة %41 من مجموعة شاشات الإشهار تعرف حضورا للنساء، حيث تتواجد النساء في %90 من الإعلانات التي تخص التغذية والنظافة وشؤون البيت، كما لاحظ الحضور اللافت للمرأة في القنوات الرياضية، وكذا حضورها المميز في قناة “ميدي 1 تيفي” في حين لا تتعدى نسبة حضور المرأة في شاشات الأخبار، كخبيرات، %8 من مجموع من يحضر ضيفا على القنوات التلفزية المغربية. أما القنوات الإذاعية العاملة في المغرب، التي وصل عددها 19إذاعة، فقد سجل أن العدد كان أعلى بكثير من حضورهن في القنوات التلفزية؛
وفي مداخلة للسيد “محمد نور الدين أفاية”- لأستاذ الجامعي والعضو السابق في (الهاكا)- حول الإعلام السمعي البصري والتعددية، انطلق من فرضيتين، الفرضية الأولى تخص الهشاشة المزمنة لهذا القطاع بسبب نوعية وقيمة الموارد البشرية اللازمة له، والتغييرات الكبرى الذي يعرفها من ناحية أجندة الفاعل السياسي الذي يتحكم فيه، والتطور الكبير الذي تعرفه وسائل اشتغاله، وظروف اشتغال جد معقدة؛ وتكمن الفرضية الثانية في أن قطاع الإعلام، وعلى غرار قطاع الصحة والتعليم، يتطلب حبا كبيرا حتى يستطيع الإنسان العمل فيه؛ وهما فرضيتان مهدتا له لطرح العديد من الأسئلة المفاتيح ذات البعد الفلسفي، من قبيل: هل تعني الليبرالية السياسية الديمقراطية بالأساس؟ وهل يكفي وضع قوانين، وحتى تطبيقها، للحفاظ على التعددية الثقافية داخل أي مجتمع؟ ولماذا لم تستطع القناة الثانية، التي كانت سباقة إلى طرق العديد من المواضيع الدالة على الحداثة، أن تخلق نماذج إعلامية تضاهي النماذج في المشرق؟ ثم طرح سؤالا اعتبره ساذجا حين قال “كيف يقبل السياسيون المغاربة على برنامج يقتل كل ما هو سياسي في البلاد؟ ثم سجل، الخصاص الكبير الذي يعيشه المغرب في الفعاليات الديمقراطية، أو ما سماه، بلغته الفلسفية “الاقتداء الديمقراطي”، من جانب آخر أكد أفاية أن الفضائيات العربية، التي تفوق 700 قناة هي مشتل كبير لتفريخ السلفيين، وذات هدف كبير يروم العودة بالدولة العربية إلى وضع ما قبل الدولة حيث الفوضى في كل مكان.
من جانبه تحدث السيد “محمد مماد”-مدير قناة الأمازيغية-، عن الروح الإيجابية التي تتيحها المشاريع الكبرى التي تعيشها البلاد، كمشروع الجهوية المتقدمة والدستور الجديد، حيث يمكن خلق قنوات جهوية تعنى بحفظ المكون الثقافي المحلي، من منطلق أن القنوات العمومية الكبيرة لا تستطيع القيام بذلك الدور لوحدها.
من جهتها حاولت السيدة “أمينة بن الشيخ”- رئيسة تحرير جريدة العالم الأمازيغي – تقديم إجابات عن العديد من الأسئلة التي تتمحور حول كيفية العناية بالمكون الثقافي الأمازيغي في وسائل الإعلام العمومية، والمعايير العلمية لاعتبار المادة الإعلامية أمازيغية أم لا؟ وهل تكفي اللغة لوحدها لكي نقول أن المادة أمازيغية؟ أو هل يجب أن تكون المادة بلغة أمازيغية وذات حمولة علمية أمازيغية، بعيدا عن الغرض الفلكلوري الذي لا يخدم سوى المشاهد العربي بالأساس.
هذا وقد عرفت الندوة حضور أزيد من 200 مشارك إلى جانب الإعلاميين، علما أن المنظمين لم يقيموا حفل الاستقبال الرسمي إلا بعد الانتهاء من عروض المتدخلين والمناقشات، حيث اختتمت الندوة بتقديم شركاء البرنامج والأهداف والنتائج المتوخاة منه بالإضافة إلى الفئة المستهدفة للمشروع.
وتجدر الإشارة إلى أن المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام مؤسسة غير حكومية خاضعة للقانون المغربي تهتم بالجانب الأكاديمي البحثي في مجال حقوق الإنسان والإعلام. ويعمل المركز على نشر الوعي بحقوق الإنسان والإعلام وتوفير الخدمات المعرفية والمكتبية والإعلامية وتدريب المهتمين من نشطاء حقوق الإنسان والإعلام. أما شريكه في المشروع معهد التنوع الإعلامي فهو عبارة عن مؤسسة خيرية يوجد مقره بلندن و تعمل مع المؤسسات الإعلامية والصحفيين وأساتذة الصحافة ومنظمات المجتمع المدني وممثلي الحكومات من أجل دعم التنوع والمساواة الاجتماعية ومنع وتسوية النزاعات وتنشيط الصحافة المسئولة غير المنحازة.