ذ.حفيظ اركيبي: معيقات حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومة
على ضوء مشروع القانون رقم13-31
لاشك في أن الدستور المغربي لفاتح يوليوز2011 يتضمن العديد من المكتسبات التي تهم ميدان الصحافة، لاسيما في الباب الثاني من الدستور والمتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، وخاصة ما يتعلق بالحق في حماية الحياة الخاصة لكل شخص وعدم انتهاك سرية اتصالاته الشخصية (الفصل24)([1])، وكفالة حرية الرأي والتعبير بكل أشكالها (الفصل25/الفقرة الأولى)([2])، واقرار الحق في الحصول على المعلومات(الفصل27)([3])، وضمان حرية الصحافة وعدم تقييدها بأي شكل من الاشكال(الفصل28)([4]). في المقابل، يظهر أن التنزيل الدستوري لهذه المقتضيات لازال في بداياته، وإذا أخذنا على سبيل المثال مشروع القانون المنظم للحق في الوصول للمعلومة رقم13-31 الذي أعدته الحكومة فإنه يمكن الوقوف على مؤشرات ربما تدل على التوجه نحو تقييد هذا الحق على نحو قد ينعكس سلبا على حرية التعبير.
وباستحضار المبادئ العالمية المؤسسة لحرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام والحق في الإعلام والحق في المعلومة نجدها تنهل بالأساس من المرجعية الدولية المرتبطة بالفصل19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد على أن لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق: حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والافكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودون اعتبار للحدود([5])؛ ويجد هذا الحق مرجعيته في بعض القوانين الوطنية القديمة بالخصوص تلك التي صدرت في القرن18 وبداية القرن العشرين([6])، مثل القانون السويدي لعام1766، ويذكر اليوم أن أكثر من(90) بلدا يوجد لديهم قانون الحق في الحصول على المعلومات([7]).
لذلك يعتبر الحق في الولوج إلى المعلومة رديفا للحق في الإعلام والاتصال، وهو بهذا المعنى يدخل ضمن مكونات الجيل الثالث لحقوق الإنسان، وقد ظهر كسائر الحقوق ذات الطابع التضامني في أواسط سبعينيات القرن المنصرم([8])، وخرج من رحم “حرية المعلومة”؛ ومن البديهي ارتباط حرية التعبير بهذا الحق؛ إنهما في نفس الوقت ركيزتان أساسيتان للديموقراطية التشاركية وللشفافية ومكافحة الفساد، فلا يمكن أن تساهم المنابر الإعلامية بصفة عامة في تنوير الرأي العام على النحو المطلوب وفي كشف الفساد ومكافحته في غياب وسائل تمكنها من الوصول إلى المعلومة بيسر وسهولة.
وقد ركِبت، مؤخرا، العديد من دول العالم الثالث والعالم العربي الموجة الرابعة لتقنين هذا الحق ومنها من لازال في مرحلة مناقشة مشروع قانون كما هو الشأن بالنسبة للمغرب. غير أن معظم الدول قد أوردت استثناءات على هذا الحق يخص قطاعات بعينها محدودة ومحددة بالنظر لحساسيتها والتي ترتبط في غالبيتها إما بأمن الدولة أو بأمن الحياة الخصوصية للأفراد؛ فهل يحق لها ذلك؟
وبمعنى آخر: هل من المقبول تقييد الحق في الوصول إلى المعلومة؟ وهل هناك مرجعيات مؤطرة لها؟ وما هي أبرز القيود التي أوردها مشروع القانون المغربي رقم13-31 على الحق في الحصول على المعلومة والتي قد تؤثر سلبا على حرية التعبير؟
أولا: في تقييد حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومة
لا يوجد أي نظام يعترف بالحق في الحصول على المعلومة وبحرية التعبير بشكل مطلق، وعلى سبيل المثال، نجد الدستور الألماني لعام2002 رغم أنه يقر في المادة الخامسة([9]) على حق كل الإنسان في التعبير عن رأيه ونشره بالكلمة والكتابة والصورة، وحقه كذلك في تحصيل معرفته من المصادر المفتوحة للعامة دون إعاقة، ووجوب ضمان حرية الصحافة وحرية الإدلاء بالأنباء الصحفية من خلال محطات الإرسال والإذاعة والأفلام، وعدم جواز إخضاعها للرقابة، مشيرا إلى انطواء محددات هذه الحقوق ضمن أحكام القوانين العامة وأحكام القوانين الخاصة بحماية الأحداث وحق الشرف الشخصي، إلا أنه في نفس الوقت نص بشكل صريح في المادتين18 و19 على امكانية اسقاط الحقوق الأساسية والحد منها في حالات معينة ووفق ضوابط محددة، أي عندما يساء استعمال تلك الحقوق للكفاح ضد النظام الديمقراطي الأساسي الحر، حيث تقع صلاحية الحكم بإسقاط الحقوق ومدى إسقاطها بيد المحكمة الدستورية الاتحادية([10]).
وإذا كان كل من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير، وممثل منظمة الأمن والتعاون الأوربي، المعني بحرية وسائل الإعلام، ومقرر منظمة الدول الأمريكية المكلف بحرية التعبير، قد أصدروا في عام2004 إعلانا مشتركا في موضوع حق الوصول إلى المعلومات، جاء فيه: “إن حرية الوصول إلى المعلومات التي تحوزها السلطات العامة حق إنساني أساسي يجب أن توضع تشريعات وطنية من أجل التمتع به”، فإن حرية التعبير والحق في الوصول للمعلومة في الإطار الدولي ليسا مطْــلقَـــيْن هما كذلك، حيث أقرت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان([11])، لاسيما الفصل19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إمكانية تقييد حرية التعبير وإيراد استثناءات على الحق في الوصول إلى المعلومة، لكن يجب أن يكون ذلك وفق ضوابط ضرورية مشروعة محددة واضحة ومعقولة لا تمس جوهر هذه الحرية أو جوهر هذا الحق.
فبأي معنى يمكن الحديث عن استحالة فصل حرية التعبير عن الحق في الحصول على المعلومة؟ وما المعايير الدولية الضابطة للقيود والاستثناءات؟
1:- تكامل “حرية التعبير” و”الحق في الحصول على المعلومة”
إذا أمكن القول أن حرية التعبير هي عصب الديموقراطية والحق في الوصول إلى المعلومة هو عصب الشفافية، فإن التوفيق بينهما هو دعامة أساسية للديموقراطية التشاركية نحو بلوغ التنمية التي تنشدها الدول العربية عامة، والمغرب على وجه الخصوص، والتي يمكن أن تلعب فيها وسائل الإعلام الوطنية والجهوية والمحلية دورا أساسيا في ترسيخ أسسها؛ غير أن تَضَمُّن قوانين الإعلام لمفاهيم فضفاضة، كما هو الشأن بالنسبة لضبابية مفهوم الآداب والأخلاق والنظام العام، والراحة العمومية، وإشكالية المقدس الذي يخلق الغموض خصوصا في مسألة الحق في الصورة والحدود بين المجال السياسي والمجال الشخصي وكذا حدود الحقل الديني، غالبا ما يكون مدخلا وذريعة لمتابعة الصحفيين والمؤسسات الصحفية إلى جانب متابعة المدونين على المواقع الإلكترونية([12]).
ولعل المبدأ العام الذي يجب أن يحكم ضمان “الحق في الحصول على المعلومة” هو أن تعمل الدولة على توفير وتيسير تقديم المعلومات لطالبيها وضمان الحصول عليها في الوقت المناسب (أقرب وقت ممكن)، فالمعلومة يجب أن تكون متاحة ومتوفرة لكل من يطلبها وفقا للقانون، على نحو يقضي بأن يؤدي هذا القانون إلى الحكامة الأفضل والشفافية المتزايدة التي تجعل المعلومة الصحيحة في متناول المواطن وتجعله عندما يعبر فإنه يعبر عن وعي خصوصا عندما يتعلق الأمر بأداء حكومته.
ويمكن القول أن وجود قانون جيد ينظم الحق في الوصول إلى المعلومة هو:
- وسيلة أساسية لدعم حرية التعبير القائمة على الحجج وليس على الإشاعات والتكهنات؛
- دعامة أساسية للشفافية وللمساواة في فرص التزود بالمعلومة الصحيحة؛
- ركيزة أساسية لفضح الفساد والمخالفين للقانون(الرقابة المواطنة)؛
- وسيلة أيضا لوضع المواطنين في صورة السياسات العمومية وإدراكها والتصرف والتعبير على أساس المعرفة بالأشياء والقرارات وسياقاتها؛
- أداة مساعدة على الاختيار والتعبير عن وعي.
وعلى هذا الأساس فإن حرية التعبير لها علاقة وطيدة بالحق في الوصول إلى المعلومة، فهُما من جهة ركيزتان أساسيتان للديموقراطية التشاركية وللشفافية ومكافحة الفساد، ومن جهة أخرى يحق تشبيه علاقتهما ب”الزواج الكاثوليكي” حيث لا ينبغي الفصل بينهما، لأنه لا يمكن أن يساهم الإعلام بصفة عامة والإعلام الجهوي على وجه الخصوص في تنوير الرأي العام على النحو المطلوب وفي كشف الفساد ومكافحته في غياب وسائل تمكنه من الوصول إلى المعلومة بيسر وسهولة.
وإذا كان هناك تأييد مبدئي للدول العربية لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن هناك إنكار لها على مستوى التطبيق، حيث يؤكد الواقع وجود صعوبة إلى درجة استحالة وصول الصحفي في البلدان العربية إلى مصادر الخبر السياسية بل والاقتصادية لإيصال المعلومة الصحيحة إلى الجماهير، حيث يعتبر فقدان ثقة الجمهور أخطر أمر على المؤسسة الصحفية، علما أنه كثيرا ما تتحول الصحافة إلى مناضل وليس وسيلة لنقل الحقيقة للآخرين، مع ضرورة استحضار أن هناك بالتأكيد قراءات مختلفة للخبر تبعا للسياسة التحريرية لكل مؤسسة إعلامية، الأمر الذي يستدعي أن يخضع التشريع المتعلق بحرية الخبر لمبدأ اتساع النشر على نطاق واسع، ذلك أنه بوصول المواطن إلى المعلومات المتعلقة بالشأن العام، تطبيقا لمبدأ الحق في الوصول إلى المعلومة، يستطيع أن يرفع من مشاركته في المراقبة الجيدة على العمل الحكومي، خصوصا وأن معركة الحراك العربي تدور رحاها اليوم في ميدان المعلومة التي أصبحت متوفرة إلى حد ما بوساطة المواقع الإلكترونية ولم تعد حكرا على السلطة السياسية بغض النظر عن مدى صحة المعلومات المتداولة على الشبكة العنكبوتية([13]).
لذلك فإن غياب مقتضيات قانونية واضحة وصريحة، لاسيما على مستوى دستور الدولة أولا ثم قوانينها الداخلية، تقر الحريات والحقوق، بما فيها “الحق في الحصول على المعلومة” وحرية التعبير، وتجرم وتعاقب انتهاكها، يفهم منه غياب الشفافية الذي ينعكس بالضرورة بشكل سلبي على حجم الاستثمارات الأجنبية. كما أن إغلاق باب “التأويل السيء” لأي مقتضى قانوني رهين بمدى صياغة النص الدستوري والنصوص القانونية المتفرعة عنه بالدقة الكافية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جودة النص القانوني لا تعني بالضرورة جودة تنفيذه. بيد أنه يجب الإقرار مبدئيا بعدم امكانية التمسك بالحرية المطلقة وبحق الحصول على جميع المعلومات بإطلاق، لأن الحرية المطلقة تؤدي إلى الفوضى ما دمنا نعيش داخل المجتمع، لذلك فإن الأمر يقتضي الاستعاضة عن الحرية المطلقة بالحرية المسؤولة التي تحكمها الضوابط القانونية الواضحة والمشروعة، وتقنين الاستثناءات التي يمكن أن تطال الحق في الحصول على المعلومة لكن دون يصل الأمر إلى تضييق مجال هذا الحق؛ إنها المعادلة الصعبة !
2:- المرجعية الدولية لتقنين القيود والاستثناءات:
لعبت الاجتهادات القضائية وشبه القضائية دورا أساسيا في بلورة الحق في الحصول على المعلومة عبر استخلاصه في روح نصوص وثائق الشرعة الدولية، حيث يرجع الفضل إلى قضاة المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، في تفتيت نص المادة10 من الاتفاقية الأوربية لعام 1950 لكي يستخلصوا منها مدى وجود حق الجمهور في الإعلام، وحق الصحفي والجمهور في الوصول إلى المعلومة([14])؛ أما الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة ولجانها المتفرعة عنها، فقد أضحت مراقبا أساسيا لتنفيذ الدول لالتزاماتها بموجب الاتفاقيات والقرارات الدولية، وهي لا تكل عن دعوة الدول وحثها على ملاءمة تشريعاتها وممارساتها الوطنية مع التزاماتها الدولية. لكنها تعي بما لا يدع المجال للشك أنه يمكن في بعض الأحيان، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني إسقاط أو تقييد بعض الحقوق في ظروف معينة ووفق ضوابط محددة.
وعلى سبيل المثال يُجيز العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تقييد الحقوق التي أقرها في الفقرة الأولى من المادة19([15])، ومنها الحق في الحصول على المعلومة، لكن شريطة أن تكون:
- – “ضرورية” لضمان: حماية الأمن الوطني؛ النظام العام؛ الصحة العامة؛ الآداب العامة؛ وحقوق الآخرين أو سمعتهم؛
- – ألا تلحق هذه القيود الأذى والضرر بحرية التعبير؛
- – أن تكون محددة بنص القانون مع مراعاة: الوضوح والدقة في نص القانون، وتحديد واضح للأفعال المخالفة للقانون.
وفي نفس الاتجاه تسير باقي الاتفاقيات الإقليمية، حيث كرّرت نفس ضوابط القيود المشار إليها أعلاه تقريبا، ويذكر أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان(المادة10/فقرة2)، قد أضافت إلى تلك القيود تقييدا يكون الهدف منه منع افشاء المعلومات السرية أو ضمان سلطة الهيئة القضائية ونزاهتها.
في المقابل، وعلاقة بحرية التعبير، تدين المادة20 من العهد المذكور:
- – التحريض على الحرب؛
- – إثارة البغضاء الوطنية أو العنصرية أو الدينية؛
- – إثارة أي شكل من أشكال التمييز أو العداء أو العنف.
وعلى العموم يمكن القول أنه: إذا كان من المقبول إيراد قيود على حرية التعبير واستثناءات على حق الحصول على المعلومة فإن:
- تقنين الحد من حرية التعبير يجب أن يخضع لثلاث ضوابط:
1- أن لا يمس الحد من حرية التعبير جوهر الحرية؛
2- أن يكون الحد ضروريا (الضرورة تقاس وفق قيم المجتمع الديموقراطي)؛
3-أن يتناسب الحد بين الخطر الذي يهدد الوطن والحد الذي وضع للحرية.
- أما المعلومة المستثناة من الكشف، فيجب أن تخضع لما أصبح يعرف ب”الاختبار الثلاثي”:
1- مشروعية الاستثناء؛
2- اثبات ضرر الكشف؛
3- عدم وجود مصلحة عامة تدفع للكشف عن خروقات تتعلق بحقوق الإنسان أو الرشوة أو الجرائم ضد الإنسانية.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمتين دوليتين شكلتا ائتلافا دوليا يحمل اسم RTI Rating، وهما منظمة Access Info، ومنظمة The Centre of Law and Democracy، وذلك من أجل تقييم جودة قوانين الحق في الحصول على المعلومة في مختلف البلدان بالاستعانة بخبراء في المجال، وهو نظام تقييم يعتمد منهجية تضم 61مؤشرا وتغطي سبعة ميادين([16])، ويقتصر على قياس الإطار القانوني، ولا يشمل قياس جودة التنفيذ([17])؛ وقد وصل عدد الدول التي خضعت لهذا التقييم، لحد الآن، إلى 93دولة تتوفر على قانون متعلق بالحق في الوصول إلى المعلومة([18])؛ وبغض النظر عن الانتقادات الموجهة لهذه المنهجية فإن دولة صربيا تتربع على عرش الترتيب ب150/135 نقطة، وتليها الهند ب150/130نقطة، ثم سلوفينيا ب130نقطة كذلك، وهناك ثلاث دول عربية لحد الآن مصنفة في هذا التقييم، تتصدرها اليمن ب105نقطة (الرتبة19 من أصل93دولة)، في حين حصلت تونس على الرتبة41 ب89نقطة، أما الأردن فيوجد في المرتبة88 ب56نقطة([19]).
ثانيا: تقنين “حق الحصول على المعلومة” في المغرب
لقد تم إقرار بعض الحقوق والحريات دستوريا منذ صدور أول دستور رسمي للبلاد سنة1962، ولم تعرف تغييرات هامة في التعديلات الدستورية المتوالية وصولا إلى دستور1996، بما فيها التأكيد في الفصل التاسع على حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله مع عدم إمكانية وضع حد لممارسات هذه الحريات إلا بمقتضى القانون([20])، غير أن الباحث في ثنايا دساتير المغرب من1962 إلى1996 لا يجد أي مقتضى قانوني يعترف ب”الحق في الوصول إلى المعلومات”.
في المقابل لم تخل بعض القوانين الداخلية من إشارة صريحة أو ضمنية لهذا الحق، كما هو الشأن بالنسبة للنظام الأساسي للصحفيين المهنيين الذي أقرته الحكومة سنة1995 بعد الضغوط التي مارستها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، حيث ينص البند4 منه على: حق الصحفي في الوصول إلى مصادر الخبر في إطار ممارسة مهنته وفي حدود احترام القوانين الجاري بها العمل، وكذا القانون رقم69/99 الخاص بالأرشيف الصادر بتاريخ 30نونبر2007، والذي يؤكد على الحق القانوني في الوصول إلى الأرشيف([21])، حيث ينص على أنه “يمكن لكل شخص راغب في الاطلاع دون مراعاة أي أجل على بعض الوثائق التي توضع عادة رهن إشارة الجمهور أو على الوثائق التي يرخص القانون الاطلاع عليها”( المادة15) وأنه: “يحق للجمهور الوصول بحرية إلى المحفوظات العامة بعد مرور30عاما على انتاجها، إلا في الحالات المنصوص عليها في المادة17″(المادة16)؛ فضلا عن التعديل الذي أقره المغرب على قانون الصحافة والنشر في 10يناير2002 والذي يتضمن بندا عاما عن الحصول على المعلومات، حيث نصت المادة الأولى على أن “لمختلف وسائل الإعلام الحق في الوصول إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات ما لم تكن هذه المعلومات سرية بمقتضى القانون”.
وقد شكلت رياح “الربيع العربي”، والحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب مطلع عام2011، دفعة قوية نحو إقرار إصلاحات دستورية وسياسية، توجت في يوليوز2011 بإقرار وثيقة دستورية وصفت ب”دستور حقوق الإنسان” بالنظر إلى حفاظها على المكتسبات السابقة في هذا المجال وتضمنها لمكتسبات جديدة مسّت مختلف أجيال حقوق الإنسان بما فيها الحق في الحصول على المعلومة، علما أن وقد سبق أن نبه الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، قبيل إقرار الدستور الجديد، إلى أن التنصيص على أن الحق في الوصول على المعلومة دعامة أساسية للشفافية وللمساواة في الفرص ووسيلة لفضح الفساد والمخالفين للقانون ووسيلة أيضا لوضع المواطنين في صورة السياسات العمومية وتمكينهم من المعلومة مما من شأنه مساعدتهم على الاختيار عن وعي، وإدراك والتصرف على أساس المعرفة بالأشياء والقرارات وسياقاتها. لكن الإقرار بهذا الحق لم يمنع المشرع الدستوري من إيراد بعض الاستثناءات عليه، كما لم يمنع الحكومة المغربية من التوسع في تلك الاستثناءات لحظة إعدادها لمشروع قانون يحمل رقم13-31 متعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وهو توسع قد ينعكس سلبا على جوهر هذا الحق وعلى مرتكزات حرية التعبير.
وباستحضار المعايير الدولية المشار إليها في المبحث السابق والقيود التي أوردها الدستور المغربي الجديد، ألا يمكن القول بالحاجة إلى إعادة النظر في مضمون المشروع الحكومي قبل تبني البرلمان الصيغة النهائية؟
1:- ماهية القيود الدستورية بالمغرب
غالبا ما تتدارك الدول النقائص المسجلة عليها في دساتيرها لحظة تعديلها، مستفيدة من تجارب الماضي ومن تجارب الآخرين، فَتُبقي على “القديم الصالح” أو تطوره ليتماشى ومتطلبات العصر، أو تبتكر مقتضيات جديدة تستجيب لحاجات المجتمع وتوصيات المجتمع الدولي؛ ذلك أن دستور الدولة، وإن كان تعديله يخضع لمسطرة خاصة أكثر تعقيدا من تعديل القانون العادي، فإنه يبقى كأيّ قانون آخر يجب مراجعته بصورة متكررة والبحث في ما يمكن تعديله أو إضافته أو حذفه ليتناسب مع متطلبات المرحلة.
فإذا كان الدستور المغربي الجديد قد أقر حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومة بشكل صريح، فإنه في نفس الوقت قد أقر إمكانية تقييدهما، فالفصل25 منه يؤكد على أن حرية الرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها(الفقرة1)، إلا أن الفقرة2 من الفصل28 قد أشارت ضمنيا إلى إمكانية تقييد حرية التعبير، حيث أن “للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة“؛ بمعنى أن المشرع الدستوري اشترط في تقييد حرية التعبير:
- وجود نص قانوني يقيد هذه الحرية(صادر عن البرلمان)؛
- أن يكون هذا التقييد صريحا.
ونفس الأمر نسجله على مستوى الحق في الوصول للمعلومة، فإذا كان الدستور المغربي لفاتح يوليوز2011 قد أصبح، ولأول مرة([22])، يعترف صراحة، من خلال الفقرة الأولى للفصل27، بحق المواطنين في الوصول إلى المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، فإنه في نفس الوقت استثنى في الفقرة الثانية من نفس الفصل بعض المجالات التي لا يطالها هذا الحق، حيث يستفاد من مضمونها أنه:
لتقييد الحق في الحصول على المعلومات المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل27، لابد من توفر ثلاث شروط:
- – الشرط الأول: مرتبط ب”الجهة صاحبة الحق في إصدار التقييد”: أن يكون التقييد بمقتضى قانون(صادر عن البرلمان)؛
- – الشرط الثاني: مرتبط ب”الغاية من التقييد”: يتضمن خمس غايات حمائية ووقائية؛ وهي:
أ- حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني؛
ب- حماية أمن الدولة الداخلي والخارجي؛
ج- حماية الحياة الخاصة للأفراد؛
د- الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية الدستورية؛
ه- حماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة.
- – الشرط الثالث: مرتبط بضرورة توخي الدقة في تحديد القانون للمجالات المستثناة.
لذلك فالبرلمان المغربي هو الوحيد الذي يمتلك صلاحية تقييد حرية التعبير وتحديد المجالات التي يتم استثناؤها من “الحق في الحصول على المعلومة”، لكن يبقى اختبار الدقة والوضوح حجر أساس تقنين القيود والاستثناءات، لأن الإبقاء على العبارات الفضفاضة وتوسيع الاستثناءات وتركهما للسلطة التقديرية للإدارة أو حتى للقضاء من شأنه أن يفرغ حرية التعبير وحق الوصول للمعلومة من مضمونيهما([23]).
2 :- قراءة في مشروع القانون رقم13-31 (صيغة2003)
إذا كان مشروع القانون المغربي رقم31.13 المتعلق ب”الحق في الحصول على المعلومات الدولية، المتكون من ديباجة و40مادة موزعة على ثمانية أبواب، قد أكد في ديباجته على الأهمية البالغة التي يكتسيها حق الحصول على المعلومات، مذكرا بمرجعيته الدستورية والدولية، وأهدافه الرئيسية وأهم مقتضيات المشروع، ورغم تضمنه للعديد من الإيجابيات، فإننا نسجل وجود بعض الاشكالات التي يمكن أن تثيرها بعض المواد([24])، نورد بعضها كما يلي:
1:2- يلاحظ أن مشروع القانون31.13 الذي أعدته الحكومة وسع بالفعل المجالات المستثناة من “حق الحصول على المعلومات” لتصل إلى 13مجال تقريبا ومنها المجالات الخمس التي استثناها الدستور، أي أن مجال الاستثناءات التي أوردها المشروع في بابه الخامس واسعة ولم تحدد المعلومات المستثناة بدقة؛ علما أن الفقرة الثانية من الفصل27 من الدستور قد اشترطت الدقة في تحديد القانون للمجالات المستثناة؛
2:2- إن معظم الاستثناءات التي تشمل جوانب قد تبدو فضفاضة في صياغتها أكثر من كونها دقيقة يمكن أن تصبح مطية لتنصل الإدارة من واجبها في تقديم المعلومات المطلوبة، خصوصا وقد نصت الفقرة “ب” من المادة19 على ثمان مجالات تكون مستثناة في حالة سيؤدي الكشف عن المعلومات إلى إلحاق ضرر بها([25])؛
3:2- عبارة “المعلومات التي يؤدي الكشف عنها إلى إلحاق ضرر ب…”، هي عبارة “فضفاضة”، وهي تذكرنا بعبارة ” كل ما من شأنه أن…”، وهي ترتبط بحدث مستقبلي/تنبئي قد يقع وقد لا يقع والذي هو “إلحاق ضرر”، وهنا سيطرح إشكالا يرتبط بكيفية تقدير مدى إحداث الضرر من عدمه في حالة تم الكشف عن تلك المعلومات، لذلك فإن كل امتناع عن تقديم الإدارة لمعلومة مطلوبة يمكن تكييفه مع مقتضيات الفقرة “ب” من المادة19، وبالتالي فالأمر سيكون خاضع لتقدير/ميزاجية “الشخص المكلف” والجهة المعنية التي تتوفر على تلك المعلومات؛
4:2- إذا أخذنا على سبيل المثال: استثناء المعلومات التي يؤدي الكشف عنها إلى إلحاق ضرر ب”سياسة عمومية قيد الانجاز والتي لا تتطلب استشارة المواطنين…”، فإنها تبدو منافية لجوهر الدستور الذي يتبنى الديموقراطية التشاركية في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها(الفصل13 من الدستور الجديد)، كما هي منافية للفقرة الخامسة من ديباجة مشروع القانون نفسه؛
5:2- تعبير “عدم توفر المعلومات المطلوبة” الذي ورد في منطوق المادة6 من الباب الثاني، قد يشكل مخرجا رئيسيا لتبرير عدم تقديم المعلومات التي طلبها المواطن أو الشخص المعنوي من الإدارة، وبالتالي تملص الإدارة من واجبها؛ كما أن المادة39 منعت إمكانية المتابعة القضائية والتأديبية للشخص المكلف، بسبب امتناعه، بحسن نية، عن تسليم معلومات مخول الحصول عليها بموجب هذا القانون؛ وهنا عبارة “حسن نية” قد تكون كذلك ملاذا للتنصل من المسؤولية([26])؛
6:2- حددت المادة13 آجال استجابة الشخص المكلف لطلب الحصول على معلومة في الحالة العادية 15يوم عمل قابلة للتمديد إلى15يوم عمل أخرى، أي أن مدة البث في الطلب قد تصل إلى 30يوم عمل (أي أن يومي السبت والأحد وأيام العطل لا تحتسب) وهي مدة تبدو طويلة، أما في الحالة الاستعجالية فقد تصل إلى يومي عمل لكن قُرن الاستعجال وحصر بحماية شخص أو حريته فقط وكأن لا شيء غير ذلك يستدعي الاستعجال؛ أفلا يمكن أن يكون الاستعجال في شيء غير حماية الشخص وحريته؟ كما سيطرح هنا مشكل عبء الإثبات على المواطن في مدى اعتبار طلبه استعجاليا؛
7:2- تم تخيير “الشخص المكلف” بتلقي طلبات الحصول على المعلومات في حالة رفضه للطلب بأن يسلم قرارا معللا للطالب أو أن يرسله له، وهنا قد يفضل المكلف المذكور الإرسال بدل التسليم، وهذا المقتضى قد يتم توظيفه من طرف “الشخص المكلف” بشكل لا يخدم مصلحة طالب المعلومة، علما أن المادة15 خولت للإدارة أن تطلب من مقدم الطلب تحمل تكاليف إعادة انتاج المعلومات وتكلفة إرسالها([27])؛
8:2- من خلال مقتضيات المادتين17 و18 لا يمكن لطالب المعلومات الذي لم يرض عن كيفية التعامل مع طلبه للحصول على المعلومات أن يلجأ للقضاء مباشرة من أجل الطعن، بل لابد له من المرور عبر مسطرة طويلة، مما قد يجعله يستغني عن طلبه، ولم يحدد مشروع القانون آجال بث هذه اللجنة في الشكاية([28])، لذلك سيضطر طالب المعلومات للانتظار إلى حين صدور قرار اللجنة ليكون بإمكانه التقدم للطعن أمام القضاء إن لم يرضه هذا القرار وذلك في غضون 30يوما من تاريخ التوصل به حسب منطوق المادة28.
9:2- حدد الباب السابع عقوبات انتهاك “الحق في الحصول على المعلومة”، لكن الغرامات التي تم سنها كجزاء للإخلال بالقانون من طرف “الشخص المكلف” تظل جد منخفضة من جهة([29])، ومن جهة ثانية، المشروع لم يحدد أية جزاءات في حالة تماطل المكلف بتسليم المعلومات في الوقت المعقول وإن كان لم يتجاوز الحد الأقصى من الأجل([30])؛ ومن جهة ثالثة لم يخصص هذا المشروع أي عقوبات ضد الهيئة التي يتبع لها الشخص المكلف أو ضد اللجنة الوطنية في حالة إخلالهما بضمانات الحق في الحصول على المعلومات.
10:2- إذا كان من بين إيجابيات مشروع القانون31.13 تنصيصه، في المادة21، على وجوب كشف الهيئات المعنية عن المعلومات المشمولة بالاستثناء المنصوص عليها في المادة19 بعد انصرام مدة15سنة من تاريخ انتاج الوثائق المتضمنة لهذه المعلومات، فإن اشتراطه عدم نص القوانين الجاري بها العمل على آجال خاصة يحيل على أن أجل الكشف عن بعض المعلومات قد يتجاوز 15سنة وقد تطول المدة إلى أجل مسمى أو غير مسمى([31]).
على سبيل الختم
إذا كان مشروع القانون13-31 قد جاء لتنزيل الفصل27 من الدستور وتنظيم حق المواطنين والأشخاص المعنويين في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام وتقنين القيود الواردة على هذا الحق، محيلا إلى بعض المرجعيات الدولية، ومنها المادة10 من الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد 2003م؛ فإن توسيع الاستثناءات وتمديد الآجال وتمطيط بعض العبارات من شأنه أن يضيق على حق المواطن أو الشخص المعنوي في الحصول على المعلومات في اتجاه معاكس لمكافحة الفساد، وقد يرسخ السرية والتكتم في وضع وتنفيذ بعض السياسات العامة على نحو مخالف لقواعد الانفتاح والشفافية والمساءلة، مما يجعل حرية التعبير في هذه المجالات معيبة أمام عدم توفر المعلومة المطلوبة؛ وكل ذلك يمكن أن يخدم أي أحد إلا أن يخدم مصلحة طالب المعلومة على نحو قد يفرغ هذا الحق من محتواه أو يلغيه، وقد يضر الجميع بما فيهم الدولة لأن التعتيم يفتح المجال لتداول الإشاعات.
لذلك فإن توفر قانون يجعل من “الحق في الحصول على المعلومات” هو الأصل ويضيق من الاستثناءات تكون لها مبررات ضرورية توضع بدقة وفي أضيق الحدود الممكنة على نحو يراعي التوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، لمن شأنه ترسيخ الشفافية في تداول المعلومات التي تعتبر من أهم ضروريات حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير والتي تكرس الديموقراطية التشاركية لبلوغ التنمية المجتمعية الشاملة المنشودة في مختلف المستويات السياسة والاجتماعية والاقتصادية والثقافية…
ومن أجل صياغة نص قانوني جيد ينظم الحق في الحصول على المعلومة يمكن الاستئناس بقوانين الدول المحتلة للمراتب الأولى في التصنيف الدولي المعروف باسم تقييم RTI Rating، لاسيما صربيا والهند؛ مع العلم أن الدول أصبحت تتصارع من أجل بلوغ مرتبة متقدمة في هذا التصنيف وذلك بهدف جلب الاستثمارات الخارجية ونيل ثقة المؤسسات المالية الدولية. فالأمر الآن بيد الحكومة والبرلمان المغربيين فإما أن يُدخلا على مشروع القانون تعديلات لسد ثغراته بالاستفادة من الممارسات الفضلى والتجارب الرائدة للدول التي سبقته في تقنين هذا الحق كي لا يسقط في أخطاءها التي ظهرت بعد الممارسة([32])، وإما سيكرسان تبوّأ المغرب مرتبة ضمن التصنيف العالمي دون ما هو مأمول.
الملحق1:
جدول يلخص هيكلة مشروع القانون رقم31.13 (صيغة2013)
ماهية مشروع القانون | مشروع قانون رقم31.13 متعلق بالحق في الحصول على المعلومات. |
من أعد المشروع؟ | وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة في إطار لجنة مشتركة بين الوزارات |
مكونات المشروع | ديباجة+ 40مادة موزعة على سبعة أبواب |
الديباجة | – أحالت على المرجعية الدستورية والمرجعية الدولية؛
– حددت أهداف هذا القانون: ضبط الحق في الوصول إلى المعلومات وضمان ممارسته+ تعزيز انفتاح الإدارة على محيطها وللشفافية+ محاربة الفساد+ ترسيخ الإدارة لثقافة الحكامة الجيدة. – أشارت إلى أهمية توفير المعلومات في ترسيخ الديموقراطية التشاركية وجذب الاستثمارات |
الباب الأول:المادة1 | تعريف أربعة مصطلحات قانونية: 1-المعلومات؛ 2- الوثائق الإدارية؛ 3- الهيئات المعنية؛ 4- الشخص المكلف والمعين لتلقي طلبات الحصول على المعلومات وتقديم المعلومات المطلوبة. (مسألة إيجابية لأنها تغلق باب التأويل) |
الباب الثاني: [2-6] | النص على الحق في الحصول على المعلومات |
الباب الثالث:[7-10] | تدابير النشر الاستباقي لتدبير وتحيين وضع الهيئات المعنية للحد الأقصى من المعلومات رهن إشارة المتعاملين معها. |
الباب الرابع:[11-18] | مسطرة الحصول على المعلومات والحق في تقديم الشكاية وفي الطعن أمام القضاء |
الباب الخامس:[19-22] | يعرض الباب الخامس استثناءات الحق في الحصول على المعلومات(تقييد الحق) |
الباب السادس:[23-31] | تأليف وتعيين واختصاصات “اللجنة الوطنية” لضمان حق الحصول على المعلومات |
الباب السابع:[32-39] | العقوبات المفروضة على الشخص المكلف الذي يخل بالقانون |
الباب الثامن:المادة40 | مقتضيات مشتركة تشير إلى ان هذا القانون يدخل حيز التنفيذ بعد صدور النصوص التنظيمية |
[1] – الفصل 24 من الدستور: لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة(الفقرة1)- لا تنتهك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها…(الفقرة2)
[2] – الفصل25: حرية الرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها(الفقرة1)
[3] – الفصل27: للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية…..
[4] – الفصل28: حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من الأشكال
للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة
[5] – إذا كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم ينص صراحة على الحق في الوصول إلى المعلومة، فإن روح نصه قد امتدت تأثيرها لتشمل مختلف الوثائق الدولية الملزمة، مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المادة19، والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان المادة10. وتسرى الملاحظة على الاتفاقية الأمريكية المادة13، وعلى الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وعلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان المادة32 منه. في هذا الشأن يمكن الرجوع إلى: د.علي كريمي “حق الوصول إلى المعلومة من خلال قواعد القانون الدولي”، الموضوع منشور على موقع “المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام”.
[6] – كما نجدها كذلك في التصريح الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن 1789 المادة 15 منه، وفي القانون الفرنسي لسنة 1794 حول الحق في الولوج إلى الأرشيف.
[7] – في فبراير1995 أقرت الحكومة المغربية النظام الأساسي للصحفيين المهنيين، وينص البند4 منه على: حق الصحفي في الوصول إلى مصادر الخبر في إطار ممارسة مهنته وفي حدود احترام القوانين الجاري بها العمل.
وفي في 10يناير2002 أقر المغرب تعديلا على قانون الصحافة والنشر تضمن بندا عاما عن الحصول على المعلومات، حيث نصت المادة الأولى على أن “لمختلف وسائل الإعلام الحق في الوصول إلى مصادر الخبر والحصول على المعلومات ما لم تكن هذه المعلومات سرية بمقتضى القانون”؛
[8] – د.علي كريمي: “حق الوصول إلى المعلومة من خلال قواعد القانون الدولي”، م.س.
[9] – المادة5 من دستور ألمانيا الاتحادية لعام2002:
“1:- لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالكلمة والكتابة والصورة، كما أن له الحق في تحصيل معرفته من المصادر المفتوحة للعامة دون إعاقة. كما يجب ضمان حرية الصحافة وحرية الإدلاء بالأنباء الصحفية من خلال محطات الإرسال والإذاعة والأفلام. ولا يجوز إخضاعها للرقابة .
2:- تنطوي محددات هذه الحقوق ضمن أحكام القوانين العامة وأحكام القوانين الخاصة بحماية الأحداث وحق الشرف الشخصي
3:- الفن والعلم والبحث والتعليم آل منها حر، حرية التعليم لا تعفي من الولاء للدستور.”
*- ترجمة الدستور الالماني( القانون الأساسي الألماني لسنة2002) إلى اللغة العربية متوفرة على الرابط الإلكتروني التالي:
]www.almaniya.com/images/artikel_ar/Grundgesetz/grundgesetz_fes.pdf[
[10]– المادتين18 و19 من الدستور الأماني2002:
– المادة18: [سقوط الحقوق الأساسية]
– “كل من يسيء استعمال حرية التعبير عن الرأي، وخاصةً حرية الصحافة(مادة5 فقرة1)، حرية التعليم (مادة5 فقرة3)، حرية التجمع (مادة7)، حرية تكوين الجمعيات (مادة9)، سرية الرسائل والبريد والاتصالات الهاتفية(مادة10)، حق الملكية (مادة14)، أو حق اللجوء السياسي(مادة6- أ)؛ كل من يسيء استعمالها للكفاح ضد النظام الديمقراطي الأساسي الحر يسقط عنه التمتع بهذه الحقوق الأساسية. هنا تقع صلاحية الحكم بإسقاط الحقوق ومدى إسقاطها بيد المحكمة الدستورية الاتحادية”.
– المادة19: [الحد من الحقوق الأساسية، ضمان الأخذ بجوهر مضمون الحق الأساسي وضمان اللجوء إلى الطرق القانونية]
“1:- فيما إذا تم اللجوء إلى تحديد أحد الحقوق الأساسية التي يكفلها هذا القانون الأساسي من خلال قانون، أوبسبب قانوني، فيجب أن يكون هذا القانون عاماً وأن لا تنحصر صلاحياته على حالة منفردة. هذا ويتحتم أن يسمي هذا القانون مادة القانون الأساسي التي يرجع إليها.
2:- لا يجوز بأي حال من الأحوال المساس بجوهر مضمون الحق الأساسي.
3:- تنطبق الحقوق الأساسية أيضاً على الشخصيات الاعتبارية قانونياً داخل الدولة، إذا كانت طبيعتها قابلة لأن تطبق عليها تلك الحقوق الأساسية.
4:- إذا لحق إجحاف بحقوق أحدٍ ما من جراء ممارسات سلطة الدولة، فيكون باب الوسائل القانونية مفتوحاً له، ويبقى الطريق القانوني النظامي مكفولاً طالما لم يتم تعليل مرجعية أخرى مختلفة. تبقى المادة 10/ فقرة2/جملة2 دون المساس بها”.
[11] – نصت المادة10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على أن: “…هذه الحريات تتضمن واجبات ومسؤوليات. لذا يجوز إخضاعها لشكليات إجرائية، وشروط، وقيود، وعقوبات محددة في القانون حسبما تقتضيه الضرورة في مجتمع ديمقراطي، لصالح الأمن القومي، وسلامة الأراضي، وأمن الجماهير وحفظ النظام ومنع الجريمة، وحماية الصحة والآداب، واحترام حقوق الآخرين، ومنع إفشاء الأسرار، أو تدعيم السلطة وحياد القضاء”.
[12] – في هذا الشأن يراجع: حفيظ اركيبي: “قانون الإعلام في البلدان العربية”، تقرير ندوة الرباط، من تنظيم “مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية”، بشراكة مع شبكة “انترنيوزINTERNEWS“، على مدى ثلاث أيام(27/28/29 يوليوز 2011).
* ملخص التقرير متوفر على موقع “مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية”
[13] – في هذا الشأن يراجع: حفيظ اركيبي: “قانون الإعلام في البلدان العربية”، م.س.
[14] – حق الوصول إلى المعلومة لصالح الصحفيين وللعموم، وإن لم يتم النص عليه بشكل صريح في الإعلانات والمواثيق الدولية الموضوعة ما بين 1946، و1975، فإن الاجتهاد القضائي قد فسر النصوص المتعلقة به بما يفيد تأكيدها جميعها على حق الوصول إلى المعلومة؛ في هذا الشأن يمكن الرجوع إلى د.علي كريمي “حق الوصول إلى المعلومة من خلال قواعد القانون الدولي”؛ م.س.
[15] – تنص المادة19/فقرة1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، على “حق الإنسان في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دون اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها هذا الشخص”.
[16]– يراجع الملحق2
[17]– يتم تنقيط طبيعة الحق في الولوج(Right to Access) بين]0-6[نقطة، وتنقيط “المجال” (Scope) بين]0-30[، وكذا “مساطر الطلب”(Requesting procedures) بين]0-30[، ثم “الاستثناءات”(Exceptions) بين]0-30[، و”الطعون”(Appeals) بين]0-30[، و”العقوبات”(Sanctions) بين]0-8[، أما “الإجراءات المصاحبة”(Promotional measures) فتنقط بين]0-16[؛ وبالتالي يتأرجح المجموع الحدي لهذا التقييم بين ]0-150[نقطة.
[18]– يراجع الملحق2.
[19] – يراحع الملحق3.
[20] – ينص الفصل9 من مختلف دساتير المغرب من1962 إلى 1996 على ما يلي:
يضمن الدستور لجميع المواطنين :
– حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة؛
– حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع؛
– حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم.
– ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون.
[21] – تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم تدشين مؤسسة أرشيف المغرب سوى في 27ماي2010 ولازالت لم تُفعّل على النحو المطلوب.
[22] – يذكر وجود بعض المواد المشتتة في بعض القوانين المغربية تتيح للمواطن حق الحصول أو الاطلاع على بعض المعلومات في مجالات محددة، مثل ما نصت عليه المادة 63 من قانون 17.08 المتعلق بالميثاق الجماعي التي أكدت على عمومية الجلسات وعلى تعليق جدول الأعمال بمقر الجماعة ليتمكن المواطنون من الاطلاع عليها.
[23] – بالنسبة للمجالات التي يضيفها القانون لتكون مستثناة من الحق في الوصول إلى المعلومات المرتبطة بها، وحسب الفصل132، يمكن مراقبة مدى دقتها من خلال الطعن في هذا القانون قبل إصدار الأمر بتنفيذه عبر إحالته على المحكمة الدستورية لتبث في مطابقته للدستور، سواء من طرف الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين، أو 5/1 أعضاء مجلس النواب أو 40عضوا من اعضاء مجلس المستشارين.
[24] – من أجل الاطلاع على الهيكلة العامة لمشروع القانون13-31 يمكن الاستئناس بالجدول الذي أدرجناه في الملحق.
[25] – منها خمس مجالات تثير استفهاما وقد تسير في اتجاه تضييق الحق في الحصول على المعلومات: 1-العلاقات مع دولة أخرى أو منظمة دولية حكومية…؛ 2-قدرة الدولة على تدبير السياسة النقدية والاقتصادية والمالية؛ 3 -سياسة عمومية قيد الإعداد…؛ 4-سير المساطر القضائية والمساطر التمهيدية المتعلقة بها؛ 5-الأبحاث والتحريات الإدارية؛
[26] – إذا كان مشروع القانون قد أسقط المتابعة القضائية والتأديبية عن الشخص المكلف في حالة عدم تسليمه، بحسن نية، للمعلومات المطلوبة، فلماذا لم يتم اسقاطها في حالة تسليمه، بحسن نية، لمعلومات غير مخول الحصول عليها؟ حيث نجد مشروع القانون لا يميز بين حسن النية من سوئها في حالة مخالفة المادة19 المقيدة لحق الحصول على المعلومات، وذلك على اعتبار أن المادة35 من مشروع القانون نفسه قد نصت على أنه: “يعتبر مرتكبا لجريمة إفشاء السر المهني طبقا للفصل446 من القانون الجنائي كل من خالف أحكام المادة19 من هذا القانون، وذلك ما لم يوصف الفعل بوصف أشد”مع العلم أن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (ظهير 24فبراير1958) ينص في الفصل18 على أنه: “بقطع النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي فيما يخص السر المهني، فإن كل موظف يكون ملزما بكتم سر المهنة في كل ما يخص الأعمال والأخبار التي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها…”؛ مما يستدعي الأمر إعادة النظر في هذا الفصل وفي مختلف القوانين التي لا تتماشى مع روح الدستور الجديد لتنسجم مع ما سينص عليه قانون “الحق في الوصول للمعلومات”.
[27]– هنا نقترح أن يخير طالب المعلومات بين تسلم المعلومات من يد الشخص المكلف أو ارسالها إلى العنوان الذي يحدده في الطلب الذي يتقدم به، وذلك بدل تخيير الشخص المكلف؛ لأن تكلفة الإرسال غالبا سيتحملها طالب المعلومات؛ وإجراءات الإرسال قد تُأخر حصول الطالب على القرار مما يؤخر لجوؤه للطعن كما قد يفوت عليه فرصة الاستفادة من المعلومات المطلوبة في الوقت المناسب. وقد تضيع المراسلة، دون أن تصل للمعني بالأمر نهائيا أو تتأخر في الوصول إليه.
[28] – إذا لم يرق لطالب المعلومة طريقة تعامل الشخص المكلف مع طلبه، بإمكانه تقديم شكاية إلى رئيس الهيئة المعنية في غضون 60 يوما تلي تلقيه لطلبه، هذا الرئيس يجب عليه دراسة الشكاية وإخبار مقدمها بالقرار الذي تم اتخاذه خلال30يوم من تاريخ تسلم الشكاية؛ وإن لم يف الأمر بالغرض جاز له تقديم شكاية إلى اللجنة الوطنية لضمان حق الحصول على المعلومات؛
[29] – حُصر الإخلال في أربع حالات فقط: ففي حالة عرقلة، أو الامتناع عن، تقديم معلومات مخول الحصول عليها تكون الغرامة بين(500-1000د)؛ وفي حالة تقديم معلومات مضللة أو في حالة تسليم معلومات قدمها الغير دون الحصول على موافقته تكون الغرامة بين(1000-2000د)؛ وفي حالة الامتناع عن الرد داخل أجل يومين بالنسبة للطلبات الاستعجالية تكون الغرامة بين(1000-3000د)؛ وهذه الغرامات يمكن أن تضاعف في حالة العود.
[30] – كأن يكون بإمكانه تقديم المعلومات المطلوبة في مدة أقل، لكنه، إما بحسن نية أو لغاية في نفس يعقوب، تأخر في تقديمها؛ كأن يكون بإمكان الشخص المكلف توفيرها في نفس اليوم، لكنه لم يسلمها إلا بعد مرور 15يوم مستفيدا من الحد الأقصى للأجل الذي حدده مشروع القانون، خصوصا وأن المعلومات المطلوبة لا ترتبط بحماية شخص أو حريته؛ أو أن يعجل بتقديم تلك المعلومات لطالب معين ويؤخرها بالنسبة لآخر(السبق الصحفي)؛ وكيف يمكن لطالب المعلومات أن يثبت هذا الإخلال؟
[31] – تنص المادة16 من قانون69/99 الخاص بالأرشيف: يحق للجمهور الوصول بحرية إلى المحفوظات العامة بعد مرور30عاماعلى انتاجها، إلا في الحالات المنصوص عليها في المادة17.
[32] – فإذا أخذنا الأردن باعتباره كان سباقا على المستوى العربي في تبني قانون ينظم الحق في الوصول إلى المعلومة منذ2007، فإننا نجد المجتمع المدني الأردني اليوم يسعى إلى الخروج بتوصيات واقتراحات ومبررات لتعديل هذا القانون عبر مناقشة المفردات الضبابية، خاصة في المادة13، وكل ما يشوب نص القانون من ثغرات ترسخ السرية والتكتم وحجب المعلومات.